مدخل لدراسة فن أحيدوس عند قبائل إيشقيرن موحا أولحسين نموذجا
يندرج فن أحيدوس ضمن الرقصات الجماعية المتجذرة في تاريخ الشعوب والتي ترتيط –منذ القديم- بالانسان وبمختلف أنشطته الزراعية التي زاولها على امتداد العصور. كما أنه ليس من الصعب التأكيد كذلك على أن فن أحيدوس هو رقصة جماعية وجنس أدبي مرتبط بنمط المجتمعات القبلية حيث تعتبر الجماعة هي النمط المنظم والمميز للأفراد والبوثقة التي ينصهر فيها الأفراد.
كما تعتبر رقصة أحيدوس وثيقة تاريخية وأنتروبولوجية تحمل في طياتها مجموعة من الدلالات والتعابير الرمزية التي تؤرخ لهذا النمط المجتمعي القبلي وتتحدث عن أسراره وأنماط عيشه.
واستنادا على هذه الخصائص والمميزات سنحدد بعض المداخل لدراسة فن أو رقصة أحيدوس كما يلي:
المدخل اللغوي:
لا وجود لمقابل لفظي أو لغوي لدلالة كلمة "أحيدوس" أو اشتقاق لفظي للكلمة سوى ما يمكن أن نفترضه من وجود اشتقاق لفظي ودلالي من اشتقاقات لألفاظ مثل "أحمادجو" "أحديق" أحارص" ثم "أحيدوس" و"أحواش" ... وهو ما يجعلنا نفترض أن لفظة "أحيدوس" لها ارتباطات بعوالم الدفء الانساني الذي يرتبط بهذه الرقصات.
أما على مستوى المدلول فإن كلمة أحيدوس تدل مباشرة على رقصة جماعية تمارسها مجموعة من القبائل الناطقة باللسان الأمازيغي والممتدة في مجال الأطلس المتوسط والأطلس الكبير الشرقي، وهو فن جماعي تمارسه الجماعة والمجموعة القبلية.
المدخل الشعري:
يعتبر فن أحيدوس فنا شعريا بامتياز وجنسا أدبيا لا يقوم على الرقص فقط ولكنه يستند أيضا في بناء دلالاته على فن القول الشعري بمختلف أغراضه من مدح وهجاء وغزل وافتخار، ثم القول الشعري المتدين لكن يبقى فن النقائض من أبرز أغراضه الشعرية حيث تدور راحة الصراع القبلي بين القبائل من خلال المزايدات بينها، واستغلال مجموعة من المناسبات وتوظيفها من أجل ترويج هذا الخطاب.
المدخل الإيقاعي:
يتشكل إيقاع أحيدوس من ثلاثة إيقاعات أساسية يمكننا أن نفترض أن لها امتدادات من إيقاع الفرس في مختلف حالاته وتحركاته سواء في حالة المشي أو الهرولة أو الركض ... واستنادا على ذلك ينقسم إيقاع أحيدوس إلى ثلاثة أنواع أساسية: الايقاع البطيء ثم المتوسط والسريع، ولكل إيقاع من هذه الايقاعات رقصة خاصة تكون الأكتاف هي آليته الأساسية بشكل يجعل كل خطأ بسيط يخرج الراقص بشكل تلقائي من مجموع الراقصين.
المدخل المورفولوجي:
ويتحدد من خلال انتقال رقصة أحيدوس من شكلها الدائري القديم والذي يعكس النمط القبلي لرقصة أحيدوس، إلى النمط الخطي الذي بدأت تفرضه مقتضيات الفرجة الحديثة وظهور المتفرج، ذلك أن أحيدوس في شكله الدائري يشارك فيه كل الحضور ويغيب فيه مفهوم الجمهور.
بقي أن نشير إلى أن هذه المداخل ما هي إلا نقط يكاد بشترك فيها أحيدوس كافة المناطق الأطلسية وإن كانت هذه الرقصة قد وصلت إلى العالمية على يد الراحل موحا أوالحسين والذي أضاف لهذه الرقصة مجموعة من الاجتهادات خاصة على مستوى رقصة المايسترو وبذلك تحول المرحوم إلى أيقونة لهذا الفن.
إن هذه الورقة البسيطة والوجيزة جدا لا تحيط بالموضوع بكافة تفاصيله وبذلك اخترنا أن تكون عبارة عن أرضية للنقاش كما أن الحوار الذي سيكون موازيا لهذه الورقة بإمكانه أن يشرح مجموع هذه النقط بتفصيل واستفاضة.