الضفة الغربية حرب صمود حتى التحرير
وفاء حميد بعد انتهاء الانتداب البريطاني على فلسطين، وإعلان بن غوريون الرئيس التنفيذي للمنظمة الصهيونية العالمية عام 1948، قيام «دولة إسرائيل» على أرض فلسطين، تم تهجير غالبية سكان فلسطين الأصليين من قراهم ومدنهم بعد مجازر ارتكبتها العصابات الصهيونية بحق السكان الآمنين، ومنذ النكبة يواصل الفلسطينيون العمل لاستعادة أرضهم السليبة والعودة إلى ديارهم التي شردوا منها. وتصاعد النضال الوطني واحتدم الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي بانتفاضات وهبات وثورات متتالية، تضطرم نيرانه كلما تمادى الاحتلال بإجراءاته العدوانية، وقدم الشعب الفلسطيني التضحيات على طريق الحرية والاستقلال. والقدس بوصفها جوهر الصراع على الأرض كانت ملهمة الهبات وانتفاضات السكاكين في العامين 2015 و2016 في ابداع أدوات النضال ومقاومة الاحتلال، فلم يعد مستوطنو إسرائيل يشعرون بالأمن في مستعمراتهم بعد أن ضرب المقاومون الفلسطينيون الثلاثة الذين جاؤوا من الضفة، بكل جرأة وإقدام خطة الاحتلال الأمنية التي أطلق عليها «كاسر الأمواج»، إذ اخترقوا كل حواجزه وإجراءاته الأمنية، ووصلوا إلى أهدافهم في بئر السبع، وبني براك، وتل أبيب، فيما نجح منفذ هجوم «ديزينغون» في الصمود 9 ساعات في مواجهة حملة أمنية غير مسبوقة بتاريخ الكيان. تشير العمليات الفدائية الأخيرة، وما أعقبها من مواجهات عنيفة في عدد من مدن الضفة ولاسيما جنين، إلى تصميم وعزيمة وإرادة متينة عند الشباب في التصدي للاقتحامات الإسرائيلية للمخيمات وللقرى وللمدن الفلسطينية، وتدل على جرأة كبيرة للفلسطيني في التصدي لآلة القتل وعصابات المستعربين. من جهتها أثبتت معركة «سيف القدس» قدرة مقاومتنا على الصمود في وجه همجية جيش الاحتلال وسياسة الأرض المحروقة وإفشال قوة الردع الإسرائيلي، لقد شاركت في معركة القدس كل تجمعات شعبنا في مختلف مناطق تواجده في مقاومة المحتل، قدمت الضفة الغربية نموذجاً متميزاً ومتقدماً، إذ تصدى مقاتلو الفصائل لاقتحامات قوات الاحتلال، وشكل الفلسطينيون العزل دروعاً بشرية لحماية للمقاتلين ومنع اقتحام الأحياء وتنفيذ الاعتقال أو الاغتيال بحق المناضلين، وردوا قوات الاحتلال على أعقابها أكثر من مرة، الأمر الذي جعلهم أيقونة للمقاومة. إن عمليات إطلاق النار والمقاومة ما زالت مستمرة في الضفة الغربية منذ بداية 2022، حيث تم تنفيذ 60 هجوماً، وشهد العام الماضي 50 عملية إطلاق نار، وفي عام 2020 وقع 48 عملية إطلاق نار. وتؤكد محاولات الاحتلال المكثفة للاقتحام والاغتيال والاعتقال أنها لم ولن تنجح في إطفاء نيران المقاومة، فما إن يهدأ الميدان حيناً حتى يخرج شبان يافعون وينفذون عملية مسلحة في زمان ومكان ما، تؤدي إلى قتلى وإصابات في صفوف قوات الاحتلال ومستوطنيه، وهذا ما أكده رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي أفيف كوخافي، حينما قال: «إن جيشه يدفع ثمناً باهظاً»، وهذا يؤكد أن الاحتلال يواجه عمليات غير مسبوقة في الضفة الغربية، وخاصة شمالها، وهو ما دفع الاحتلال إلى التلويح، بعملية عسكرية واسعة في الضفة الغربية، وإطلاق العنان «لطائرات مسيّرة» بهدف الرصد والاغتيال، مما يؤكد الصورة أكثر أن الاحتلال، لا يستطيع التنبؤ المسبق بنية ومرجعية المنفذين، وتعاني إسرائيل من حالة قلق بشأن ما يدور في الضفة الغربية، ما يثير التخوف الوجودي الذي يعاني منه الاحتلال. والسؤال هنا: هل سيكون هناك سيناريو لبداية انتفاضة عنيفة كالتي شهدناها في كل فلسطين؟!...