المسألة النسائية بالمغرب
بقلم عبد السالم أديب 1 – يسود االعتقاد لدى الفرد رجل كان أو امرأة، أن مصدر العالقات االجتماعية التي يعيشها، سواء داخل االسرة أو في العمل أو في الشارع، وسواء كان ينتمى للطبقة العاملة أو البرجوازية الصغرى أو البرجوازية العليا، أنها عالقات طبيعية بيولوجية وليست عالقات مكتسبة نتيجة تداخل العديد من العوامل الديالكتيكية. 2 – وهذا التصور السطحي للعالقات االجتماعية هو نفسه التصور السطحي الذي يكتسبه المرء حول عالقات اضطهاد النساء داخل المجتمع الذي يعيش فيه، فيعتبرها كما لو كانت عالقات طبيعية بيولوجية فيحاول تقديم العشرات من المبررات السطحية الدينية والنفسية والبيولوجية لتبرير هذه العالقة وبالتالي تكريسها. 3 – لكن مصدر عالقة اضطهاد النساء مثلها مثل مصدر العالقات االجتماعية، تظل عالقات مكتسبة، سبق للعديد من علماء االجتماع المستقلون ككارل ماركس وفريدريك انجلز، ان اعتبروها ناشئة مع لحظة ظهور الملكية الخاصة واالنقسام الطبقي وتقسيم العمل، كما أرخوا لهذه اللحظة في العصر الحجري األعلى أي مع ما سمى بالثورة الزراعية، وأكدوا بالتالي أن هذا االضطهاد لن يختفي اال كنتيجة الختفاء الملكية الخاصة واالنقسام الطبقي. 4 – انطالقا من هذه المقدمة العامة سنتناول بعجالة تاريخ االضطهاد النسائي بالمغرب الى حين ظهور نمط اإلنتاج الرأسمالي، ثم صورة االضطهاد النسائي بين الطبقات وداخل كل طبقة على حدة، ثم نقدم أخيرا عدد من المؤشرات حول المكانة االقتصادية واالجتماعية للمرأة المغربية.
أوال: أصول اضطهاد النساء 1 - تلعب المرأة دورا مركزيا في استمرار الحياة اإلنسانية سواء على مستوى دورها في انتاج ضرورات الحياة اليومية أو في تأمين استمرار الحياة عبر انجاب أطفال كقوى منتجة جديدة. 2 - وقد ظلت النساء تلعبن هذا الدور المركزي في ظل أنماط اإلنتاج المتعاقبة، وحيث ظلت عالقة النساء بمحيطهن تختلف بحسب اختالف طبيعة البنيات الفوقية األيديولوجية والسياسية والقانونية، وتحاول بالتالي مكرهة أن تتكيف معها. 3 - ومع وعي االنسان المبكر بالدور المركزي للمرأة في انتاج وإعادة انتاج الحياة المباشرة ومع ظهور اإلنتاج الزراعي والملكية الخاصة وتقسيم العمل، ظهرت مؤسسة االسرة تاريخيا كوحدة اقتصادية، وبرزت السلطة االبوية كوسيلة لسيطرة الذكور على االناث داخل مؤسسة االسرة مع ما ارتبط بذلك من اضطهاد الذكور للنساء تاريخيا كوسيلة للمحافظة على هيمنة اقتصادية وسياسية ذكورية قامت على أساسها الدول واالمبراطوريات القديمة. 4 - فاضطهاد النساء تاريخيا كعالقة اجتماعية واقتصادية ستجعل من السلطة االبوية والهيمنة الطبقية المتولدة عنها كأساس اقتصادي واجتماعي وسياسي في بناء الوحدات السياسية األولى من اسرة وعشيرة ودولة وتطورها الالحق الى دول وامبراطوريات. وكجميع أشكال السيطرة بأبعادها الثالثة االقتصادية واالجتماعية والسياسية نشأت صراعات سياسية طبقية أيضا بين الرجل والمرأة وبين من يملك ومن ال يملك، وهو الصراع الطبقي الذي شكل على مسار التاريخ سيرورة تطوره. 5 - وتقدم لنا السيرورة التاريخية للمجتمع المغربي نموذجا لمثل هذا التطور، خاصة نتيجة لالصطدام التاريخي للقبائل والمجتمعات األمازيغية التي شكلت مهد نشأة المجتمع المغربي والغزوات التي شنتها الشعوب األخرى على شمال افريقيا وخاصة منها الغزو العربي اإلسالمي ابتداء من القرن السابع الميالدي. فقد أصبحت نزعة الهيمنة الذكورية الطبقية، االقتصادية واالجتماعية والسياسية على شمال افريقيا، أساسا لتشكل مختلف الدول المتعاقبة في منطقة شمال افريقيا وخاصة في الرقعة الجغرافية التي يحتلها المغرب الحالي. 6 - ان البحث في أصول اضطهاد المرأة في المغرب ال يمكنه ان يتجاهل االبعاد التاريخية المشار اليها أعاله والتي شكلت األساس الفاعل لسيرورة تشكل االسر والقبائل والسلطة السياسية لألسر الحاكمة، والتي نجح ابن خلدون
ببراعة في وصفها في مقدمته وجعلها أساس العصبية القبلية وقيام الدول وانهيارها في شمال افريقيا. كما ان ظهور "الشخصية التاريخية" الهيغلية الفاعلة التي قادت حكم األسر وتعاقبها ال تخرج عن هذه السيرورة. 7 - ان الربط التاريخي بين سيرورة الصراع الطبقي ومكانة المرأة المتحول حسب تحول الهيمنة األيديولوجية والسياسية للطبقات المسيطرة، يشكل مقدمة ضرورية ألي باحث في هذه المكانة عبر التاريخ. لذلك قد نصادف حقبا تاريخية خاصة في ظل القبائل االمازيغية، قبل ان تتعرض للغزوات األجنبية، وضعا متميزا للمرأة تتمتع فيها بمساواة حقيقية ملموسة مع الرجل بل ان النساء االمازيغيات مارسن القيادة السياسية الفاعلة، ونذكر هنا بالدور المتميز الفاعل لملكة االمازيغ "ديهيا" في المقاومة الشرسة للغزو العربي اإلسالمي. كما تفصح لنا االثار االركيولوجية للرومان والفينيقيين والقرطاجنيين في شمال افريقيا عن تلك المكانة التي كانت تحظى بها المرأة والتي كانت تصل حد تمثيلهن كربات مقدسات. 8 - ان ما يهمنا في هذه الورقة هو واقع المرأة المغربية اليوم في ظل نمط اإلنتاج الرأسمالي. داخل االسرة وداخل المجتمع وفي خضم الصراع الطبقي المتواصل. وهيمنة السلطة األبوية على المرأة داخل االسرة كوحدة اقتصادية أساسية. يعتبرها نمط اإلنتاج القائم كأساس للسيطرة االجتماعية الكلية ولالستغالل االقتصادي والهيمنة السياسية. من هنا يمكن تحقيق فهم مادي لوضع المرأة داخل األسرة المغربية - كحاملة أطفال، ومربية، وعاملة منزلية – وأيضا كبائعة قوة عمل خارج البيت كمؤشر عن اضطهاد مزدوج للمرأة داخل االسرة الى جانب غياب الحقوق األساسية في العمل خارج البيت. 9 - تظهر عالقة نضاالت النساء بالتحول االجتماعي بصفة عامة، كمسألة ملحة مطروحة على األجندة الثورية، والتي تنطلق من الدور المركزي للنساء في إعادة إنتاج قوة العمل في سياق إعادة اإلنتاج االجتماعي الشامل. فلتحديد موقع اضطهاد المرأة من حيث إعادة اإلنتاج االجتماعي وإعادة إنتاج قوة العمل، يجب تحديد العديد من المفاهيم، بد ًءا من مفهوم قوة العمل نفسها المنتجة لفائض اقتصادي داخل االسرة وخارج البيت.
ثانيا: اضطهاد النساء طبقيا 2 – إن التناقض داخل األسرة بين الزوج كمالك والزوجة بصفتها تابعة غير مالكة، أدى الى التبعية االقتصادية للمرأة وتراجع وضعها االعتباري. وقد تكرست هذه الوضعية التابعة للمرأة المغربية في ظل الوضع شبه اقطاعي السابق لهيمنة االمبريالية الفرنسية السياسية على المغرب. فقد كانت االسر الفالحية المغربية تفضل انجاب الذكور على االناث، ومحاولة تزويج االناث بشكل مبكر لضمان استقرارها االقتصادي وإن كان من موقع التبعية لزوجها. وحيث كان الرجل بمستطاعه دينيا أن يتزوج أربعة نساء النجاب الذكور، وأيضا تطليق نسائه وتزوج اخريات النجاب أطفال ذكور. وقد كرس هذا الوضع، الدونية الطبقية للمرأة نحو الرجل، وفقدان النساء ألية مشروعية مقابل الرجال. 3 – شكلت فترة الغزو االمبريالي الفرنسي بداية زعزعة األنماط االقتصادية شبه االقطاعية القديمة والوضع االجتماعي المرتبط بها، لصالح هيمنة تدريجية لنمط اإلنتاج الرأسمالي، سواء داخل المدن حيث تباع وتشترى قوة العمل كسلعة، مقابل أجور زهيدة تمكن العامل أو العاملة من نوع من التحرر اتجاه السلطة االبوية. وحيث تطورت الهجرة القوية بكثافة نحو المدن عقب سيطرة المعمرين األجانب على اجود األراضي الفالحية وتحويلها الى مزارع رأسمالية وتحويل الفالحين الى مأجورين زراعيين. وقد لعبت هذه التطورات دورا في نشأة االسرة النووية داخل المدن وتحولها الى وحدة اقتصادية في خدمة اإلنتاج الرأسمالي، واستمرار تبعية المرأة للسلطة االبوية داخل هذه االسر كعامل أساسي في انتاج وإعادة انتاج الحياة، ومباركة السلطات والقوانين السائدة لسيطرة الرجل على المرأة كدعامة أساسية بالمقابل لخضوع الطبقة العاملة لالستغالل البرجوازي. 4 – بعد خروج االستعمار الفرنسي المباشر، ورث المغرب بنيات اقتصادية واجتماعية مزدوجة بين مدن تقع على أهم الموانئ المغربية كالدار البيضاء وأكادير وطنجة والقنيطرة، تعرف تطورا صناعيا واقتصاديا قائما على التصدير، وحيث عرفت نمو اسرا نووية أكثر استقالال عن السلطة االبوية. سواء كطبقة بروليتارية عمالية بأنماط عيشها البسيط في هوامش المدن. أو برجوازية صغرى تشتغل على الخصوص في قطاع الخدمات والتجارة والوظيفة العمومية. أو برجوازية عليا امتهنت أنواع من الصناعات والتجارة الداخلية والخارجية وامتالك العقارات والضيعات الفالحية العصرية. بينما ظلت العديد من المدن المغربية الداخلية يطغى عليها الطابع القروي واإلنتاج الفالحي واستمرار
البنيات االجتماعية شبه االقطاعية المتخلفة. وحيث تفتقد النساء للعديد من الحقوق، سواء داخل االسرة حيث التبعية االقتصادية والزواج المتعدد أو داخل العمل حيث تتعرض النساء لالستغالل الفاحش واالعتداءات الجنسية. فاضطهاد المرأة المغربية بأشكالها القديمة ال زالت قائمة داخل المدن والقرى الداخلية المتخلفة ويكرسها أكثر طغيان النزعة الدينية التي تبيح تعدد الزوجات والسلطة االبوية التي تنزع الشرعية عن االناث وتعلي من مكانة الذكور. وكلها تقاليد وعادات تعيد انتاج نفس منظومة اضطهاد النساء التقليدية. ونلعب األحزاب الدينية دورا مركزيا في ترسيخ والمحافظة على العادات القديمة. 5 – ورغم وقوع النساء المغربيات ضحية اشكال االضطهاد العصري المزدوج في ظل االستغالل الرأسمالي لقوة العمل داخل االسرة النووية، وضحية األشكال التقليدية الضطهاد النساء التي تغديها السلطة االبوية الذكورية وطغيان النزعة الدينية، فإن التحوالت الناتجة تحت تأثير نمط اإلنتاج الرأسمالي دفعت عددا من نساء البرجوازية الصغرى نحو التحرر بفعل اكتسابهن لالستقاللية االقتصادية واستكمال دراستهن، الى النضال داخل حركات نسائية برجوازية صغرى، تتطلع الى إقرار حقوق وقوانين تحقق الحرية والمساواة للنساء في مواجهة الذكور والسلطة االبوية، والمطالبة بإلغاء عدد من االحكام الدينية كتعدد الزوجات ونظام اإلرث. 6 – هناك حركة نسائية بروليتارية أيضا، نشأت وتطورت منذ عقد الستينات من القرن العشرين، قادتها أمهات واخوات وبنات المعتقلين السياسيين في ظل ما سمى بسنوات الجمر والرصاص. وقد عزز هذه الحركة وطورها المناضلون اليساريون، خاصة الماركسيون اللينينيون، رفاق وأصدقاء المعتقلين السياسيين. حيث ساهموا في تطوير الخطاب النسائي بمضمونه الطبقي واعتبروا ان التخلص من االضطهاد االقطاعي واالستغالل الرأسمالي ال يتحقق اال في ظل االشتراكية التي لن تتحقق اال بفعل العمال والفالحين نساء ورجال انفسهم. 7 – ان صدمة نمط اإلنتاج الرأسمالي، بمقدار ما انتجته من استغالل فاحش لقوة العمل للنساء والرجال داخل المدن وداخل المزارع الرأسمالية، حررت في المقابل اعداد هائلة من النساء من اشكال االضطهاد القديم. كما ان الوضع الجديد فتح المجال لظهور حركات نسائية لم يكن من الممكن ظهورها في المجتمع المغربي شبه االقطاعي السابق، وهذا ما فتح فرصا جديدة لتطوير النضال النسائي رغم اختالف المطالب بين الطبقات. 8 – فالنساء البرجوازيات الالتي يحصلن على الملكية الخاصة واالمكانيات المعرفية والمادية، يتمكن من تطوير شخصيتهن واختيار أسلوب حياتهم كما تشأن. لكن النساء المغربيات البرجوازيات كزوجات ال زلن يعانين من اشكال من اضطهاد ازواجهن نتيجة قوانين االسرة المتخلفة، التي ال زالت تمنح العديد من الحقوق للرجل على حساب المرأة، كنظام اإلرث وتعدد الزوجات مثال. كما ان سيادة الثروة والمال التي تكون عادة بيد الرجال البرجوازيين قانها تدفع مستوى اضطهاد النساء البرجوازيات الى حدودها القصوى. 9 – تعاني نساء البرجوازية الصغرى أيضا من اشكال خاصة من االضطهاد، رغم ان أفراد هذه الفئة االجتماعية تكون عادة متحررات ومثقفات وتسكن بالمدن الكبرى، اال ان وضعهن المادي المستقر نسبيا يجعلهن اكثرا تحررا اتجاه الزواج وأكثر اقباال على العالقات الجنسية خارج الزواج. ونظرا للثقافة التقليدية والنظرة المتخلفة للرجل نحو المرأة فال زالت عالقة الرجل بالمرأة وسط البرجوازية الصغرى تخضع لطغيان اضطهاد النساء واستمرار السلطة االبوية داخل اسر البرجوازية الصغرى. والمالحظ ان أوساط البرجوازية الصغرى هي التي شجعت على ازدهار ظاهرة البغاء وسط النساء الكادحات، نظرا لتدني األجور وأيضا وسط العاطالت عن العمل. ونظرا لتفاحش ظاهرة البغاء في المدن الكبرى كسلعة جنسية تعوض الكادحات عن العطالة وتشبع رغبات الذكور العازفون عن الزواج، فان نظرة البرجوازية الصغرى للمرأة تزداد تخلفا وتدفع نحو ظهور اشكال من العنف ضد النساء. ان تحرر النساء في هذا الوسط هو أيضا رهين بالوضع المادي للنساء وقدرتهن على التملك واالستقالل االقتصادي والذي يبقى نادرا في ظل تخلف قوانين االسرة. كما ان اندفاع نساء البرجوازية الصغرى نحو اكتساب العلم وممارسة بعض المهن كالمحاماة او االنخراط السياسي يجعلهن مناضالت شرسات حول حقوق النساء حتى بمنظورها البرجوازي العقيم، لكنه يساهم في تبلور الفكر التحرري العام. 10 – يختلف وضع المرأة البروليتارية المغربية عن أوضاء نساء البرجوازية الصغرى والبرجوازية العليا، وذلك من حيث اضطرارهن لالشتغال تحت االستغالل البشع، سواء في معامل النسيج او باقي الصناعات لشركات المناولة مع شركات اجنبية، في ظل ظروف تنعدم فيها شروط سليمة للعمل ولقاء أجور زهيدة. ورغم مثل هذه الظروف تقبل البروليتاريات على هذه االشكال من العمل بهدف التحرر من قيود السلطة االبوية واكتساب نوع من االستقاللية االقتصادية ومساعدة اسرهن الفقيرة. وتخضع النساء البروليتاريات بشكل مادي ملموس لالضطهاد المزدوج داخل االسرة، حيث العمل المنزلي وإنتاج الحياة المباشرة واالنجاب كعمل غير مدفوع االجر، رغم أنه يحقق للرأسمالية
استبدال وتجديد قوة العمل مجانا، واستغاللها في أماكن العمل، في غياب كامل لشروط السالمة ولقاء أجور متدنية. لذلك تسعى الحركات النسائية الثورية الى جعل النضال من اجل تحرر وحقوق المرأة العاملة والفالحة في مقدمة النضال االشتراكي.
ثالثا: المؤشرات االقتصادية واالجتماعية ألوضاع المرأة المغربية 1 - قياس مدى اضطهاد المرأة المغربية ال ينطلق من اعتبارات نظرية فقط ومن احكام قيمة قد تكون اعتباطية، وانما تستند في جزء كبير منه الى مختلف العوامل التي تشكل الوجود االجتماعي للحياة المادية اليومية للمرأة. لذلك يجب ان ينطلق هذا المقياس من عدد من العوامل المادية مثل التعليم والصحة والشغل والمساواة في األجور والحقوق والواجبات المسطرة في مدونة األسرة ومدى قدرة القانون رقم 103-13 على محاربة العنف ضد النساء. فيما يلي عدد من المؤشرات االقتصادية واالجتماعية الملموسة ألوضاع المرأة المغربية. 2 - تطور قطاع التعليم ومضمونه ومفاهيمه في ظل نمط اإلنتاج الرأسمالي ليشكل مصدرا ال ينضب لتوفير القوى المؤهلة أو نصف المؤهلة حسب حاجيات انتاج فائض القيمة وتطور التراكم الرأسمالي. وفي هذا االطار تطورت فلسفة االنفاق على قطاع التعليم بحسب تطور الصراع الطبقي، حيث كان االنفاق على التعليم قضية فردية لألشخاص وحاجاتهم للقيمة االستعمالية للتعليم نظرا لما يحققه من ارتقاء اجتماعي لألفراد. لكن مع تزايد االقبال الجماهيري على التعليم بمختلف مستوياته، تمكنت الرأسمالية من تحويل الحاجة الى التعليم الى قيمة تبادلية وبالتالي الى تعليم طبقي. لكن مع تصاعد مطالب القوى العاملة ومن بينها توفير تعليم شعبي ديموقراطي مقابل ما تقتطعه الدولة من فائض قيمة على شكل ضرائب، ظهر وتوسع التعليم العمومي مع بداية القرن العشرين، وأصبح يشكل مرفقا عموميا ضروريا ألبناء الطبقة العاملة وفي نفس الوقت مصدرا إلنتاج اليد العاملة المؤهلة لخدمة حاجيات التراكم الرأسمالي. 3 - ظلت سياسات التعليم المعتمدة من طرف حكومات المجتمعات الرأسمالية تعامل تكاليف قطاع التعليم بحسب مردوديته، حتى وان كان قياس هذه المردودية على المدى المتوسط والطويل. كما ظل تمويل هذه التكاليف مصدرا لمختلف االزمات المالية واالقتصادية واالجتماعية والسياسية، ومنبعا للصراع الطبقي. كما اصبح التعليم يتراوح بين التعليم العمومي والتعليم الخاص غالي التكلفة وحيث تتسع الفجوة المعرفية والبيداغوجية بينهما. 4 - في هذا االطار غرقت السياسات التعليمية ببالدنا في ازماتها التي ال تنتهي اال لكي تنطلق أزمات جديدة، وبما انا نعيش في مجتمع رأسمالي، فيمكن الجزم بأنها من جهة أزمات موضوعية تعكس ثقل عبء قطاع التعليم على معدالت األرباح وفائض القيمة الحقيقي المقتطع من العمل المأجور. وحيث ال يجب ان تتجاوز التكاليف معدالت هذه األرباح. من جهة أخرى نجدها عبارة عن أزمات مفتعلة لتقليص االنفاق العمومي على التعليم عبر تدميره على مستوى المحتوى وعلى مستوى الوسائل. 5 - إن ارتقاء المرأة واستقاللها االقتصادي داخل المجتمع الرأسمالي القائم يتطلب استفادتها من تعليم عمومي مجاني ذو جودة عالية، وهو ما يمكنها من الشغل القار واالستقالل المالي ويقلص بالتالي من تحكم الرجل في حياتها. لكن معاناة السياسات التعليمية من أزمات دورية يقلص باستمرار من حظوظ المرأة من التعليم ومواصلة ارتقائها، مما يجعها في غالب األحيان تغادر المدرسة مبكرا خاصة في البوادي كما يجعلها تقبل بمناصب شغل معيشية بأجور زهيدة. 6 - وحسب احصائيات وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي فإن نسب التحاق اإلناث بكافة اسالك التعليم االولي واالبتدائي ظل منذ سنة 2000 وحتى سنة 2020 في مستويات ادنى من التحاق الذكور، سواء في التعليم العمومي أو التعليم الخاص ويتراوح بين 46 و47 في المائة. 7 - وال تزال معدالت التسرب الوطنية مرتفعة خاصة معدل تسرب الفتيات مرتف ًعا نسبيًا الذي يصل الى 4 .% وفي الوقت نفسه، بلغ معدل تسرب الفتيات في المرحلة الثانوية 4,10 % خالل السنوات األخيرة. بينما بلغ معدل تسرب الفتيات في المرحلة الثانوية التأهيلية، 6.9.%
8 - وإذ بلغ معدل األمية بين السكان سنة 2014 ،10 سنوات فأكثر 32 ،% فإن 6,8 مليون منهم من اإلناث. وال يزال معدل األمية أعلى في المناطق القروية 7,47 % مقارنة بالمدن 2,22 % وبين النساء 9,41 % منه بين الرجال 1,22.% 9 - وينعكس تدنى مستوى تعليم االناث على مجاالت اشتغالهم، فقد لوحظ على المستوى الوطني، أن 2,70 % من النساء العامالت ليس لديهن مستوى تعليمي 3,56 % أو بمستوى أساسي في المرحلة األولى. 10 - هذا الوضع مقلق أكثر في المناطق الريفية حيث بلغت نسبة النساء العامالت الالئي لم يتلقين تعليما من السكان العاملين 6,75 في المائة في عام 2013 .كما ال تزال هذه الحالة مقلقة في المناطق الحضرية 3,22 في المائة في المتوسط. 11 - ويتجاوز معاناة المرأة المغربية من اضطهاد السياسات التعليمية مرحلتي التعليم وااللتحاق بالعمل الى معاناة نساء التدريس أنفسهم خصوصا مع لجوء هذه السياسات الى تدمير الوضعية النظامية القارة للمدرسين والمدرسات واستبدال ذلك بعقود محدودة تضرب في العمق استقرار عمل المدرسات الالتي يصبحن معرضات للطرد والحرمان من العمل السباب ذاتية بعيدة كل البعد عن الحقوق التي يضمنها قانون الوظيفة العمومية في اطار الوضعية النظامية. 12 - على غرار قطاع التعليم فإن قطاع الصحة خضع هو اآلخر لتحوالت موازين القوى جراء الصراع الطبقي المتواصل بين الطبقة العاملة والقوى الرأسمالية المهيمنة من خالل سياساتها الحكومية. فقد ارتقى قطاع الصحة نحو المرفق العمومي نتيجة ضرورات شروط التراكم الرأسمالي عندما كانت القطاعات اإلنتاجية تتطلب اعداد كبيرة من العامالت والعمال في حالة صحية جيدة لتفادى توقف اإلنتاج، وبالتالي هبوط معدالت األرباح الرأسمالية. لكن مع انتقال نمط اإلنتاج الرأسمالي الى االعتماد المكتف على المكننة والتكنولوجيات الحديثة في اإلنتاج وهو ما خفض بشكل كبير من عدد العامالت والعمال. وفي المقابل ارتفاع عدد السكان وعدد العاطلين عن العمل واالقبال المتزايد على المرافق الصحية العمومية وارتفاع تكاليف االنفاق على هذا القطاع، فإن السياسات البرجوازية بدأت تتحول تدريجيا عن رعاية هذا القطاع من خالل اقفال المصحات العمومية واستبدالها بالمصحات الخاصة باهظة التكلفة أي نحو فطاع صحي طبقي. 13 - إن أكثر فئات المجتمع تعرضا الضطهاد السياسات الصحية هي المرأة المغربية على الخصوص خاصة في المناطق القروية التي تفتقد حتى لوجود المصحات فباالحرى األطباء واألدوية والرعاية الصحية األولية. 14 - وفي هذا االطار نجد أن عدد النساء في سن الخصوبة ما بين 15 و49 سنة ذوات االحتياجات غير الملبات والالئي ال يستخدمن أي وسيلة لمنع الحمل، ويبلغن عن عدم رغبتهن في المزيد من األطفال أو الرغبة في تأخير الطفل التالي، الى 3,11 في المائة سنة 2018. 15 - لنفس االسباب وصلت نسبة عدد وفيات األمهات )لكل 100 ألف والدة حية( سنة 2020 :6,72% من بينهن 6,44 % في المدن و111 % في البوادي. بينما بلغت نسبة وفيات األطفال حديثي الوالدة سنة 2018 : 6,13 % بينما وصلت نسبة وفيات الرضع خالل سنتهم األولى 18 ،% بينما بلغت نسبة وفيات األطفال دون سن الخامسة من العمر 22.% 16 - وال تزال أوجه عدم المساواة بين الجنسين قائمة في المجال الصحي، سواء في المناطق الحضرية أو القروية. كما ال زال الحمل المبكر يرتبط بزيادة مخاطر المشاكل الصحية والوفاة لدى النساء. 17 - شكل تراجع سن الزواج األول للمرأة المغربية الى 8,25 سنة على المستوى الوطني )4,31 سنة للرجال(، منها 4,26 سنة في المناطق الحضرية )1,32 سنة للرجال( و 9,24 سنة في المناطق الريفية )3,30 سنة( سنوات للرجال(، احد أسباب تراجع الخصوبة ونسبة الوالدات المبكرة. ومن المهم مالحظة الدور الحاسم الذي يلعبه التعليم في مراقبة الحمل حيث لجأت 9,98 % من النساء اللواتي حصلن على شهادة الثانوية العامة إلى رعاية ما قبل الوالدة مقارنة بـ 3,70 % فقط للنساء اللواتي ليس لديهن شهادة.
18 - كما تجذر اإلشارة الى أن مستوى التعليم يعد عامالً مه ًما في اتخاذ القرار أثناء الوالدة حيث أن 4,99 % من النساء الحاصالت على تعليم ثانوي تلقين المساعدة من قبل طاقم طبي مؤهل أثناء الوالدة مقارنة بـ 9,65 % فقط ألولئك الذين ليس لديهم مستوى تعليمي. 19 - كما لوحظت تفاوتات كبيرة من حيث التطعيم ضد األمراض الستة المستهدفة: السل، وشلل األطفال، والكزاز، والحصبة، والدفتيريا، والسعال الديكي، حسب مكان اإلقامة والمستوى االجتماعي واالقتصادي. كما، يؤثر نقص الوزن على 7,4 % من األطفال دون سن الخامسة الذين يعيشون في المناطق القروية مقابل 7,1 % فقط في المناطق الحضرية. 20 - ووفقًا للمستوى االجتماعي واالقتصادي، فإن األطفال دون سن الخامسة من الخلفيات االجتماعية األدنى يعانون من نقص الوزن بدرجة أكبر بكثير من أولئك الذين ينتمون إلى خلفيات اجتماعية واقتصادية أكثر ثرا ًء .)٪1,1 مقابل٪ 6,7( 21 - حسب الجنس، يتأثر األوالد أكثر من الفتيات بمعدالت التقزم لألطفال دون الخامسة من العمر حوالي 1992 عام في٪ 22,4 و٪ 22,9 و، 2004 عام في٪ 17,1 و٪ 19,1 و، 2011 عام في التوالي على٪ 14 و٪ 15,8 و 6,16 ٪و 8,15 ٪ عام 1987 على التوالي. الحظ أن نقص الفيتامينات والحديد مهم عند النساء واألطفال. وهكذا، يعاني حوالي ثلث األطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 6 أشهر و 5 سنوات من فقر الدم الناجم عن نقص الحديد. وينطبق هذا أي ًضا على النساء الحوامل وفي سن اإلنجاب حيث تبلغ نسبة انتشار فقر الدم الناجم عن نقص الحديد 2,37 .٪وبالمثل، فإن نقص فيتامين )أ( و )د( يؤثر على واحد من كل أربعة أطفال دون سن الخامسة وحوالي واحد من كل عشرة أطفال على التوالي. 22 - خضعت سياسات التشغيل منذ دخول االستعمار الفرنسي الى المغرب لشروط التراكم الرأسمالي ومحاوالت تكييف المجتمع المغربي مع شروط التراكم الرأسمالي، وكانت أهم استراتيجية اعتمد عليها الرأسمال الفرنسي والدولي، هو افراغ سكان البادية من ساكنتها عبر تفعيل الهجرة القروية بكافة األساليب، منها على الخصوص نزع األراضي الخصبة. وقد مكنت هذه العملية من تدفق الساكنة القروية على هوامش المدن وتشكيلهم لما يسمى بالجيش االحتياطي للعمل، وبالتالي تشكل وتطور أعداد الطبقة العاملة المغربية المحرومة من وسائل اإلنتاج والتي تشتغل بأجور زهيدة بهوامش المدن الكبرى. وحيث تشكلت فئات عريضة من النساء العامالت. 23 - ان خروج السلطات االستعمارية من المغرب سنة 1956 ،لم يغير من هذه االستراتيجية، حيث استمر رأس المال المحلي في استغالل اإلنتاج الفالحي لتنمية الصناعات التحويلية داخل المدن، وأيضا من خالل تحويل الضيعات الفالحية في البادية الى مشاريع رأسمالية تعتمد على مكننة فائقة لإلنتاج الفالحي الصناعي الموجه نحو التصدير. بينما يتم استغالل اليد العاملة النسائية والرجالية في البادية كعمال زراعيين بأجور تقل عن الحد األدنى لألجور. أما في المدن فالعامالت والعمال معرضون لكافة اشكال االستغالل الرأسمالي. 24 - وقد بلغت حسب أرقام المندوبية السامية لإلحصاء نسبة النساء العامالت من 15 سنة فما فوق المشتغالت في قطاع الفالحة والغابات والصيد البحري سنة 2020 ، 8,30 في المائة من بينهم 8,17 في المدن و1,32 في المائة في البوادي. بينما بلغت نسبة النساء المشتغالت في قطاع الصناعة بما فيها قطاع الصناعة التقليدية في نفس السنة 2,25 في المائة من بينهن 0,26 في المائة في المدن و 0,20 في المائة في البوادي. أما بالنسبة للنساء المشتغالت في قطاع الخدمات فبلغت 0,19 في المائة من بينهن 4,21 في المائة في المدن و5,6 في المائة في البوادي. 25 - وقد زادت نسبة النساء العامالت الالئي لم يتلقين تعليما من السكان العاملين من 8,88 في المائة في عام 1999 إلى 6,75 في المائة في عام 2013 .كما ال تزال هذه الحالة مقلقة في المناطق الحضرية 3,22 في المائة في المتوسط. 26 - الفجوة بين النساء العامالت والعمال الرجال حسب مستوى تعليمهم كبيرة بالنسبة لمستوى التعليم العالي نسبة النساء العامالت هي 2,10 % مقابل 2,7 % للرجال، ال سيما في المناطق الحضرية، 23 % للنساء مقابل 12 % للرجال. ويفسر هذا الوضع ارتفاع نسبة العاطالت عن العمل في التعليم العالي في قوة العمل النسائية، وال سيما
ٍل في المناطق الحضرية. وتجدر ا يكاد يكن غائبات في المناطق
إلشارة إلى أن النساء الناشطات الحاصالت على تعليم عا
.% 1,3 الرجال مثل % 0,6( الريفية 27 - بين عامي 1999 و 2014 ،تم إنشاء ما يقرب من 96,1 مليون وظيفة صافية، أي زيادة في الحجم عا 2,1 % سنويًا )3,1 % في ًم اإلجمالي للعمالة )إجمالي السكان العاملين الذين تبلغ أعمارهم 15 ا فأكثر( بمتوسط المتوسط سنويًا للرجال و 8,0 % في المتوسط سنويًا للنساء(. نتج هذا التطور عن زيادة العمالة الحضرية )السكان العاملون في المناطق الحضرية( بمتوسط 7,1 % سنويًا )9,1 % للرجال و 9,0 % للنساء(، باإلضافة إلى زيادة طفيفة قدرها 7,0 % سنويًا في المناطق الريفية )زيادة بنسبة 6,0 % للرجال و 8,0 % للنساء(. 28 - إن تطور التكافؤ بين الذكور واإلناث على مستوى التشغيل يشير إلى شغل الرجال لوظيفة أكبر بثالث مرات من النساء. كما يشير التحليل حسب منطقة اإلقامة إلى أن تكافؤ الذكور / اإلناث أكثر تفاوتًا في المناطق الحضرية منه في المناطق الريفية )4 مرات في المناطق الحضرية ومرتين في المناطق الريفية(. وتجدر اإلشارة أي ًضا إلى أن فجوة التكافؤ بين الجنسين في المناطق الريفية تفسر بدرجة أكبر بكثير من خالل أهمية حرمان اإلناث مقارنة بالرجال أكثر من صعوبة الوصول إلى العمل. 29 - يكشف تحليل طبيعة الوظائف التي يشغلها الرجال والنساء عن الوجود القوي للمرأة في القطاعات ذات ا كبي ًر اإلنتاجية المنخفضة. وبالتالي ا وفقًا لمستوى تعليمهن، مع وجود
، تتباين الوظائف التي تشغلها النساء اختالفً
نسبة عالية من النساء، بدون مستوى تعليمي، في القطاعات منخفضة اإلنتاجية والوظائف التي تتطلب مهارات متدنية، في كل من المناطق الحضرية والريفية. ونتيجة لذلك، تظل النساء معرضات للخطر ويتلقين تعويضات أقل )يعمل معظمهن كعامالت بدون أجر(. 30 - يُظهر تحليل تطور السكان النشطين المشغولين حسب الجنس وفرع النشاط للفترة 1999-2013 وجو ًدا ملحو ًظ نصيب يبلغ ا للنساء مقارنة بالرجال في القطاع األولي )الزراعة والحراجة وصيد األسماك(، بمتوسط حوالي 60 % من إجمالي عدد النساء العامالت مقابل 6,36 % للرجال. كما أنهن أكثر حضورا في الصناعة، بنسبة 3,15 % مقابل 6,11 % للرجال. وجود المرأة هو السائد في صناعات النسيج والجوارب والمالبس واألحذية والمصنوعات الجلدية بمتوسط نصيب بين عامي 1999 و 2013 لما يقرب من 5,78 % من جميع النساء العامالت في الصناعات التحويلية )انتقلت من 4,84 % في عام 1999 إلى 5,69 % في عام 2013.) 31 - وفقًا لبيانات المسوحات السنوية التي أجرتها وزارة الصناعة والتجارة واالستثمار واالقتصاد الرقمي، فقد ارتفع معدل تأنيث العمالة في الصناعة )نسبة النساء من إجمالي العمال الدائمين في الصناعة( إلى 4,44 % في عام 2013 .حسب فروع النشاط، سجلت صناعة النسيج، المزود الرئيسي لعمالة اإلناث بين األنشطة الصناعية، زيادة في معدل تأنيث العمالة الدائمة، حيث ارتفعت من 1,64 % عام 2012 إلى 9,67 % عام 2013 دون أن تصل إلى المعدل المسجل عام 1999( 5,70.)% 32 - بلغ إجمالي عدد المشتغالت الدائمات في قطاع الصناعة 073,243 عاملة عام 2013 ،مقابل 683,240 عاملة دائمة عام 2012 .وتمثل النساء العامالت في صناعة النسيج والجلود 1,49 % من النساء العامالت في األنشطة الصناعية، تليها النساء العامالت في صناعة النسيج والجلود. الصناعة الزراعية )3,24 ،)% في صناعة الكهرباء واإللكترونيات )4,14 ،)% في الصناعة الكيميائية وشبه الكيميائية )5,7 )% وفي الصناعة الميكانيكية .)% 4,8( والمعدنية 33 - في عام 2013 ،قام فرع التجارة واإلصالح بتوظيف 126.133 امرأة مقابل 155.121 امرأة في عام 2012 ،بزيادة قدرها 8,9 .% بلغ معدل تأنيث الفرع التجاري 2,9 % في عام 2013 مقابل 6,8 % في عام 2012 . وبحسب الحالة المهنية، تعمل 492.62 امرأة لحسابهن الخاص، أي ما يقرب من 47 % من إجمالي عدد النساء العامالت في الفرع التجاري. 34 - حسب المنطقة، في المتوسط ، بين 1999-2013 ،كان ما يقرب من 1,80 في المائة من النساء الريفيات العامالت يتمتعن بوضع مسا ِعدات أسرية غير مدفوعة األجر بشكل عام. بينما لم تتجاوز نسبة الرجال العاملين الذين يعيشون في المناطق الريفية والذين يتمتعون بوضع معيل أسري متوسط 33 % خالل نفس الفترة.
35 - في المدن، هناك ما يقرب من 9,77 % من العامالت يعملن بأجر مقابل 6,59 % للرجال في المتوسط بين عامي 1999 و 2013 .وتجدر اإلشارة في هذا الصدد إلى أن عمل اإلناث بأجر في المناطق الحضرية قد تكثف ليصل إلى 80 % في عام 2013 . 36 - كشفت نتائج المسح الوطني للقطاع غير الرسمي في المغرب 2006-2007 أن هذا القطاع يمثل 55,1 مليون وحدة إنتاج غير رسمية، أوجد في عام 2007 عدًدا إجماليًا يبلغ 116.216.2 فرصة عمل مقابل 947.901.1 فرصة عمل في 1999 ،وهو ما يمثل معدل نمو إجمالي قدره 5,16 .% وهكذا فإن القطاع غير الرسمي يساهم بنسبة 3,37 في المائة في إجمالي العمالة غير الزراعية مقابل 39 في المائة في عام 1999 .وهناك 8,10 في المائة فقط من الوظائف التي تم إنشاؤها في القطاع غير الرسمي مخصصة للنساء. باستثناء الزراعة، يخلق القطاع غير الرسمي 4,39 % من جميع وظائف الذكور مقابل 21 % من وظائف اإلناث. 37 - باإلضافة إلى التمييز ضد المرأة من حيث النشاط، والذي ينعكس في انخفاض معدل النشاط، تعاني المرأة أي ًضا من التمييز في الوصول إلى العمل. وتؤكد هذه المالحظة ارتفاع معدل البطالة بين النساء وال سيما الحاصالت على دبلوم. فقد بلغت نسبة العطالة وسط االنات وطنيا سنة 2020 :4,67 في المائة مقابل 4,51 في المائة وسط الذكور. من بينهم 5,67 في المائة امرأة في المدن، و5,37 في المائة امرأة في البادية. وتظل عطالة النساء اعلى من عطالة الرجال. 38 - وبحسب مكان اإلقامة، فإن النساء الحضريات، وال سيما من تقل أعمارهن عن 44 سنة، هن أكثر تأثرا بالبطالة من نظرائهن من الرجال. لوحظ أكبر فجوة )7.8 نقطة( في الفئة العمرية 25-44( 7.23 ٪في المتوسط بين 1999 و 2014 للنساء مقابل 15 ٪فقط للرجال(. فيما يتعلق بالفئة العمرية 15-24 ،بلغ متوسط الفجوة بين بطالة اإلناث والذكور 6 نقاط بين عامي 1999 و 2014( 5.38 ٪للنساء مقابل 5.32 ٪للرجال(. بالنسبة لألشخاص الذين ًما، ضاقت الفجوات بشكل كبير بين عامي 1999 و 2014 .بلغ معدل البطالة للنساء الالئي
تزيد أعمارهم عن 45 عا
ًما 2.5 % مقارنة بـ 3.4 % للرجال.
تتراوح أعمارهن بين 45 و 59 عا 39 - يكشف تحليل هيكل البطالة حسب المؤهالت أن ما يقرب من ثلثي العمال العاطلين عن العمل هم من الخريجين )ثالثة أرباعهم في المدن(. بالنسبة للرجال، يغلب العاطلون عن العمل الحاصلون على دبلوم متوسط المستوى. ومن بين النساء، فإن الخريجات من المستويات األعلى هم األكثر تضررا من البطالة. وبالفعل، فإن نصف العاطلين عن العمل من ذوي المؤهالت العليا )50 )% هم من النساء )545,140 امرأة ذات مؤهالت أعلى عاطلة عن العمل في عام 2013 )وحوالي 80 % منهن لم يعملن قط. 40 - على الرغم من التقدم المحرز منذ التسعينيات، ال تزال التفاوتات في األجور بين الجنسين كبيرة. في الواقع، وف ًقا الحدى الدراسات، فإن فجوة األجور بين الجنسين 56 % في عام 1991 ،و 28 % في عام 1999 وبلغت
فا كبي ًرا حسب مكان اإلقامة والخصائص الفردية.
17 % في عام 2007 .وتختلف هذه التفاوتات اختالً 41 - وبحسب هذه الدراسة، فإن التفاوتات في األجور حسب الجنس تبلغ حوالي 27 % في المناطق الحضرية و 37 % في المناطق الريفية، على الرغم من أن العوائد المرتبطة بتعليم المرأة أفضل من تلك الخاصة بالرجال )قرابة 7 % في عام 2007 مقابل 8.4 % بالنسبة للرجال(. وينطبق الشيء نفسه على عائدات الخبرة المهنية بعائد 5,7 % للنساء مقابل 6,6 % للرجال، مع انخفاض في األجر بعد 28 سنة من العمل، أي قرب التقاعد. 42 - وف ًقا لهذه الدراسة، يمكن تفسير 2,36 % فقط من الفوارق في األجور المرتبطة بالجنس من خالل الخصائص الفردية في عام 2007( مقارنة بـ 9.30 % في عام 1991 ،)في حين أن 8,63 % من هذه التفاوتات تفسر بالتمييز الصافي في األجور ضد المرأة )مقارنة بـ 1,69 % في عام 1991 .)هذا التمييز أكثر وضو ًحا في المناطق الريفية )6,92 % مقابل 7,44 % في المناطق الحضرية( وفي القطاعات األولية )حوالي 105 % للزراعة، مقابل 64 % و 23 % على التوالي في قطاعي الصناعة والخدمات(. على الرغم من أن هذه الفجوة قد ضاقت في السنوات األخيرة، إال أنها ال تزال كبيرة. 43 - من بين أشكال اضطهاد المرأة والتي تضرب في الصميم كيانها وكرامتها، وتدفع بمظاهر االضطهاد السياسي واالجتماعي السابقة الى أعلى مستوياتها، تتمثل في ممارسة العنف المادي الذي يهدد جسد وحياة المرأة واستقرارها النفسي والروحي.
44 - يعرف اإلعالن العالمي لألمم المتحدة بشأن القضاء على العنف ضد المرأة الصادر سنة 1993 ،بأن العنف ضد المرأة هو مظهر لعالقات قوى غير متكافئة بين الرجل والمرأة عبر التاريخ، أدت الى هيمنة الرجل على المرأة وممارسته التمييز ضدها والحيلولة دون نهوضها الكامل. اما القانون المغربي 103-13 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء، فيعرف العنف على أنه كل فعل مادي أو معنوي أو امتناع، أساسه التمييز بسبب الجنس، يترتب عليه ضرر جسدي أو نفسي أو جنسي أو اقتصادي للمرأة. 45 - وبينما يؤكد تعريف اإلعالن العالمي على أن العنف ضد المرأة هو من اآلليات االجتماعية الحاسمة التي تفرض بها على المرأة وضعية التبعية للرجل. فإن تعريف القانون المغربي ال يهتم بالهدف الكامن وراء ممارسة العنف ويقتصر فقط على األثر المادي للعنف، وال يشير الى خلفياته. 46 - وحسب معطيات مندوبية التخطيط المنشورة في نهاية 2020 فان أشكال العنف التي عانت منها المرأة المغربية تمثلت فيما يلي: • 5,73 % من النساء العاطالت عن العمل تعرضن للعنف، بمعدل يتجاوز ب 16 نقطة المعدل الوطني، • 5,1 مليون امرأة كن ضحية للعنف اإللكتروني، بمعدل انتشار 8.13 ،% • 6.12 % من النساء تعرضن للعنف في األماكن العامة خالل االثني عشر شهرا الماضية، • 6.40 % هي نسبة العنف في أوساط النساء الالئي يملكن حسابا بنكيا مستقال، أقل مما هو مسجل لدى النساء الالئي ال يملكن حسابا بنكيا )47 ،)% وأقل بكثير مقارنة مع من لديهن حساب مشترك مع الزوج (%8.55( • 1.56 % من النساء الالئي يملكن عقارا خاصا أقل عرضة للعنف من الالئي يملكن العقار باالشتراك مع ،% 81.3 الغير • 16 % من النساء ضحايا العنف صرحن أن أطفالهن، الذين تتراوح أعمارهم بين 5 و18 سنة ، يعانون من مشاكل صحية، خاصة ذات طبيعة سلوكية ونفسية، • 85.2 مليار درهم هي كلفة العنف الجسدي والجنسي لألسر، و98.1 مليار درهم هو كلفة العنف الزوجي لألسرة • 8.57 % من النساء صرحن بجهلهن بالقانون 13.103 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء
47 - وحسب معدل انتشار العنف بين النساء في الفئة المتراوحة ما بين 15 سنة و74 سنة حسب أشكال العنف ومكان إقامة الضحية سجلت المندوبية السامية للتخطيط النسب التالية سنة 2019 : العنف الجسدي، 9,12 % على المستوى الوطني و2,13 % بالمدن و3,12 % بالبادية العنف الجنسي، 6,13 % وطنيا منها 8,14 % بالمدن و3,11 % بالبادية العنف النفسي، 5,47 % وطنيا، منها 8,47 % بالمدن، و8,47 % بالبادية العنف االقتصادي، 3,14 % وطنيا، منها 2,14 % بالمدن، و4,14 % بالبادية العنف االليكتروني، 8,13 % وطنيا، منها 5,15 % بالمدن، و4,9 % بالبادية 48 - وقد حاول القانون 103-13 تعريف مختلف هذه األشكال من العنف على أساس خلفياتها المباشرة. فيعرف العنف الجسدي على أنه كل فعل أو امتناع يمس، أو من شأنه المساس بالسالمة الجسدية للمرأة، أيا كان مرتكبه أو وسيلته أو مكان ارتكابه. كما يعرف العنف الجنسي بكونه كل قول أو فعل أو استغالل من شأنه المساس بحرمة جسد المرأة ألغراض جنسية أو تجارية أيا كانت الوسيلة المستعملة في ذلك. بينما يعرف العنف النفسي على كل اعتداء لفظي أو إكراه أو تهديد أو إهمال أو حرمان، سواء كان بغرض المس بكرامة المرأة وحريتها وطمأنينتها، أو بغرض تخويفها أو ترهيبها. من جهة أخرى يعرف العنف االقتصادي على أنه كل فعل أو امتناع عن فعل ذي طبيعة اقتصادية أو مالية يضر، أو من شأنه أن يضر، بالحقوق االجتماعية أو االقتصادية للمرأة. 49 - تنطلق السياسات التشريعية من واقع البالد االجتماعي والسياسي واالقتصادي وتستند على اإلرث التاريخي وااليديولوجي المهيمن. فالسلطة األبوية والهيمنة الذكورية التي نجد معالمها في مختلف التشريعات المغربية
اقتحمت الساكنة المغربية االمازيغية مع الغزو العربي اإلسالمي أي منذ القرن السابع الميالدي. فجميع الدراسات االنتربولوجية تؤكد على أنه في ظل المجتمع االمازيغي ساد نوع من المساواة بين الرجل والمرأة ومنح تقدير كبير للمرأة. وهناك الكثير من الكتابات التاريخية كتاريخ ابن خلدون وتاريخ ابن بطوطة وكتابات أخرى تحدثت عن مكانة المرأة لدى قبائل مصمودة وصنهاجة االمازيغية وهي الوضعية التي سادت طيلة حكم المرابطين. 50 - اذن فتراجع دور المرأة المغربية تاريخيا حدث مع الغزو العربي اإلسالمي الذي دام الى غاية القرن الثالث عشر، حيث تم جلب التقاليد والعادات الذكورية والسلطة االبوية القوية التي سادت في الجزيرة العربية، حيث ساد وأد البنات وتعدد الزوجات ووضع النساء في المرتبة الثانية حيث البنت هي نصف الولد منذ والدتها. هذه الحمولة التاريخية واأليديولوجية والدينية بدأت تحطم تدريجيا التقاليد المحلية وتخترق التشريعات السائدة والتي تميز مكانة الرجل على حساب مكانة المرأة. 51 - ال زالت مدونة االسرة اليوم المعتمدة سنة 2003 تحمل آثار الهيمنة الذكورية والسلطة االبوية خاصة في مجال اإلرث وفي مجال الوصاية على المرأة في العديد من المعامالت والتصرفات االجتماعية واالقتصادية. 52 - ويستغل نمط اإلنتاج الرأسمالي هذه المكانة المتخلفة للمرأة المغربية تشريعيا لكي يمعن في اضطهادها االقتصادي خاصة في مجال التفاوت في األجور.