تجديد تشكل البرجوازية الكمبرادورية المغربية
الحلقة الثانية: عبد الغني القباج
"ولماذا لم تدرك حركة التحرر الوطني، التي كنا من مسيريها، األغراض األساسية لالستعمار؟ ولماذا لم نتول توضيح هذه األغراض، وما يترتب عنها من مسائل للمناضلين، 3 مع ما ينتج عن ذلك من تحديد لمتطلبات معركة تحريرية جذرية؟" . دعم االستعمار الفرنسي لتحالف المؤسسة الملكية والبرجوازية الكمبرادورية واإلقطاع وبالتالي يمكن اعتبار أن االســـتعمار الجديد الفــــــــ رنســـي، بعد قبول المغرب ارتباط "استقالله" الشكلي بالمصالح االقتصادية والسياسية للرأسمالية الفرنسية، س هــــ ل سيطرة تحالف المؤسسة الملكية والبرجوازية الكمبرادورية الناشئة وفئة اإلقطاع على السلطة في المغرب. وأصــــبح البلد تحت ســــيطرة تحالف اســــتعماري جديد، تمكن من الهيمنة على الموارد الطبيعية واالقتصاد التبعي المغربي. هذه الموارد الطبيعية، إضافة إلى مغربة جزء من الشـركات الفرنسية وعقارات وأراضي المعمرين الفالحية )التراكم األولي(، شكلت منذ االستقالل الشكلي سنة 1956 ،أهم مصدر للتراكم الرأسمالي الخاص، وأهم دعم للبرجوازية الكمبرادورية الناشئة، وللمالكين العقاريين الكبار؛ وبالتالي تمكــــنت المؤسسة الملكية من احتكار القرار السـياسـي واالقتصـادي، وأصـبحت فاعال اقتصـاديا، وطبقت سـلطوية سـياسـية متحكمة في طبقة البرجوازية الكمبرادورية، ومتكاملة معها. لذلك كان صراع المعارضة الوطنية )االتحاد الوطني للقوات الشعبية، حزب التحرر واالشتراكية، وجزء من المقاومة وجيش التحرير( ضد حكم الملك الحسن الثاني، يهدف ُم إلى السيطرة على السلطةالسياسية/الدول ة، بالنظر لكون ال ُح ك استفرد بالسلطة السياسية، وحولها إلى مؤسسات استبدادية، سلطوية، مسيطرة على المؤسسات السياسية واإلدارية واالقتصادية واالجتماعية العمومية، بهدف استمرار استيالء الرأسمالية الفرنسية وطبقة البرجوازية الكمبرادورية الناشئة على الثروات المنجمية والبحرية واألراضي الفالحية الخصبة، التي كان المعمرون الفرنسيون يستولون عليها. 3 - المهدي بنبركة : "االختيار الثوري"، منشورات اليسار الديمقراطي- 1994 - ص 12 -13 . دستور 1962 رسخ سيطرة وسلطوية المؤسسة الملكية في سياق هذا الصراع السياسي، بلور الحسن الثاني "الدولة" التي أطرها دستور 1962 نظريا، قانونيا، سياسيا واقتصاديا، كما أطر حالة االستثناء وسياسية "المغربة". وتمكنت رأسمالية االستعمار الجديد، والمؤسسة الملكية، والبرجوازية الكمبرادورية من احتكار وسائل اإلنتاج، والثروة، والملكية العقارية الكبيرة، والثروات البحرية، والمنجمية، واألراضي الفالحية الخصبة. دستور 1962 شرعن للملك حسن الثاني هذا االستفراد بالسلطة وبـ"الدولة "، واحتكار ، و س و تطبيق سياسة اقتصادية مرتبطة بمصالح الرأسمال غ القرار االقتصادي والسياسي االستعماري الجديد، خصوصا الرأسمال الفرنسي، ومرتبطة كذلك بتنمية وبدعم وباستفادة البرجوازية الكمبرادورية الجديدة من الثروات المنجمية، واألراضي الفالحية، والثروات و"سياسة ال م نفوذها. غ ر السمكية، ب ة" لتقوية وبالتالي، تسببت هذه السياسة االقتصادية في نهب ثروات البالد، وفساد المؤسسات م االقتصادية والمالية واإلدارية العمومية، وارتفاع نفقاتها، وإضعاف مردوديتها، ـ مما فـاقـ عجزها المالي ومديونيتها. وبالتالي أخفقت هذه السياسة االقتصادية السائدة التي سادت في المغرب لمدة 6 عقود )من 1956 إلى اآلن( في تحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية، وتسببت في استمرار معاناة الشعب المغربي من التخلف االجتماعي واالقتصادي والسياسي والمعرفي. ومنذ ستينات القرن العـشرين بدأت صيرورة بناء سلطة االستبداد السياسي، والحكم الفردي، وفرض سياسة اقتصادية واجتماعية طبقية، مما عمق األزمة السياسية واالقتصادية واالجتماعية. واستمرت خالل سنوات السبعينات، حمالت قمع واختطاف واعتقال أطر ومناضلية ومناضالت القوى المناضلة المعارضة، االتحادية، وتنظيمات الحركة الماركسية اللينينية.