مأساة جنوب الإنسان
آن الأوان يا سيدتي كي نجهر بالحب...
ونمارس طقوس العشق النارية
خارج دائرة الكثمان ...
آن الأوان كي نكفر بكل عاداتنا القديمة ...
ونفض أيدينا من ليل الهزيمة
لنبشر بفجر العصيان ...
نحن في حل من هذا الصمت الخشبي
وهذا الكلام الذي لا يقول شبئا
ولا يتعدى حدود اللسان
نحن في حل من هذا الخريف الذي
لا يشفيه تعاقب الفصول
ومن هذا النزيف الذي يمارس
في خمارة دمنا عادة الإدمان
نحن في حل من من سماء ملبدة بغيوم الردة ...
وأرض أجذبت ولم تعد تنبت
غير أحراش السكون و الإذعان
يا أهل المراثي ، هذه أطلالنا لا تبحث
عمن يبكيها ، ويندب فلول مجدها
في القوافي والأوزان
هذه أطلالنا ، يكاد ينفذ زيت صمودها
ويستسلم ما تبقى من وجودنا
في أحشائها لنزوة الشيطان
من يفك أسر بطولاتنا ؟ وينتشل
الملاحم من مستنقع المتاحف وثرثرة
المرشدين وسفسطة الاعلام العابر للألوان
من يوقف اخطبوط الانهيار ؟
ويحرر الصحراء من ليل تتناسل
فيه مدن الصمت والأحزان
من يخلص صحونا من عقدة الانتظار ؟
وينجب في زمن العقم أحلاما من حديد
وفجرا فولاذي الأركان
آن الأوان يا سيدتي كي يحاصر
غضب المنبوذين ضمير العالم المخروم
وينتصر لقضية الإنسان
أيها العالم الذي يصم آذانه
عن صراخ الجياع ، وأنات المعذبين
والمفجوعين بلهيب العدوان
ويسمع نباح الكلاب المذعورة
من فرائسها ويجرد الضحايا من الأنياب
كي تنعم أنياب الكلاب بالأمن والأمان
أيها العالم الذي يغض الطرف
عن جنون الجرافات وفنون الإبادة
وتحوير الأمكنة والأزمان
أيها العالم الذي يستبسل في الكلام
عن الحب والعدل والسلام
وعن واجب شمال الإنسان
نحو أخيه جنوب الإنسان
ويبارك بصمت المتفرجين مذابح السلام
اليومية ودساتير سحق
الإنسان لأخيه العدو الانسان
أيها العالم كل شيء فيك له وجهان
وفيك من كل النواميس زوجان
والحقيقة فيك حقيقتان
فيك الشرف ترف والمواثيق
تأكلها الرفوف المتوحشة ، والعقوبات
تنزل فوق رؤوس المستضعفين بالمجان
فيك تغتصب معاني الكلمات في لغة العالم الجديد
وتجهض مفاهيمها في غرفة عمليات عمومية
وتجرد القواميس الوطنية من هويتها
لتموت في رحلة الغربة والنسيان
فيك تجلد أحلام الجنوب بسياط القروض
ويغرق أمل الشعوب في وحل المساعدات الطائية
ويصبح المصير دمية ترقصها
الديون الأجنبية ونزوات الديان
آن الأوان يا سيدتي كي تتوحد دموع المغبونين
لتجرف حاجز الإنتظار
وتؤسس لبداية الطوفان
فلن يغسل قذارة هذا العالم الفج
ولن يجثت طحالب الفوارق واللاإنسان
غير هذا الطوفان