الحرب في أوكرانيا وعسكرة أوروبا


بعد أن دخلت الحرب طورا جديدا ، تمثل في انخراط عدد من الدول الأوروبية تحت سيطرة الولايات المتحدة الأمريكية، في تقديم الد...
Hassan Saib
Hassan Saib

بعد أن دخلت الحرب طورا جديدا ، تمثل في انخراط عدد من الدول الأوروبية تحت سيطرة الولايات المتحدة الأمريكية، في تقديم الدعم العسكري المتقدم بشكل يشير إلى إطالة الحرب لفترة أخرى طويلة ، وهذا يعني أن الإنفاق العسكري العالمي أصبح يتزايد بشكل مخيف، إذ انتقل إلى زيادة بنسبة 2،6%مقارنة مع السنوات الماضية، وبالاستناد إلى بيانات SIPRI, فقد بلغ الإنفاق العسكري 2 ترليون دولار في عام 2020، وهو ما يمثل زيادة بنسبة 80% تقريبا( بالدولار الثابت) منذ عام 1995، تتأثر جميع مناطق العالم بهذه الزيادات، وفي سنة 2020 شكلت أمريكا وحدها ما يقرب من 40% ودول الناتو حوالي 60 من الإنفاق العسكري العالمي.

كانت الميزانيات العسكرية لمعظم دول الناتو في ارتفاع ، وقد بلغت 616 مليار عام 2019 و 715مليار عام 2022، ويبلغ إجمالي ميزانيات الدول الأوروبية 378 مليار دولار، وعلى مدى عقد نمت بنسبة 8،5 % في أوروبا الغربية، و31% في بلدان أوروبا الوسطى، و74% في أوروبا الشرقية( المصدر: SIPR).

في مارس 2022، أصدر معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام «سيبري»، والذي يوجد مقره في السويد، تقريره السنوي عن الإنفاق العسكري في العالم، وجاء به أن الإنفاق العسكري العالمي بلغ نحو 1981 مليار دولار عام 2021، وهو ما يمثل 2.4 % من الناتج الاقتصادي العالمي، بزيادة نسبتها 0.7 % عن عام 2020، وتصدرت الولايات المتحدة الأمريكية والصين، قائمة الدول الأكثر إنفاقاً على التسليح، تليهما الهند وبريطانيا وروسيا.

ومن المعلوم أن حلف الناتو يعرف تمددا كبيرا في كل بقاع العالم ، بعد حل حلف وارسو في نوفمبر 2021، وقد عرف تحولا بعد اختفاء الاتحاد السوفياتي سنة 1991، ثم في قمة واشنطن سنة 1999، مع اعتماد " مفهوم استراتيجي" جديد، إذ وسع حلف شمال الأطلسي تدخلاته في العراق سنة 1999، وفي يوغوسلافيا السابقة مع قصف صربيا في نفس السنة، وفي أفغانستان سنة 2001، وفي ليبيا عام 2011 و أماكن أخرى كثيرة.

تتجلى فلسفة الناتو حسب صيغة أمريكا في" ضمان الوصول غير المقيد إلى الأسواق الأساسية وإمدادات الطاقة والموارد الاستراتيجية" وتشترك جميع الدول الأوروبية في ترجمة هذه الفلسفة من خلال التكامل الاقتصادي والتحالف العسكري.

يتأكد هذا التعاون السياسي والعسكري من خلال زيادة الميزانية المخصصة للوجود العسكري للقوات الأمريكية في أوروبا ( مبادرة الدفاع الأوروبية) بشكل كبير خلال فترة ولاية ترامب، من 800مليون دولار إلى 6 مليارات دولار بين عامي 2016 و 2020.

مما لا شك فيه أن إطالة الحرب في أوكرانيا سيسرع من عسكرة الاتحاد الأوروبي ، إضافة إلى المملكة المتحدة، ولهذا السبب أنشأت المفوضية صندوق الدفاع الأوروبي(EDF) الذي سيمول البحث والتطوير العسكري لمجموعات الأسلحة مقابل مليار يورو خلال السنوات القادمة، سيكون ذلك على حساب ضرب الحقوق الاجتماعية المكتسبة من خلال الإسراع في ترجمة الإصلاح المضاد للنظام الصحي وأنظمة المعاشات التقاعدية.

حسن الصعيب

.